Livre: Sami Kleib: La Guerre contre la Syrie par les archives secrètes
كتاب جديد لسامي كليب
«الحرب السورية بالوثائق السرية».. قراءة مغايرة لأسوأ حروب القرن
من بين الكتب التي سيتوقف عندها «الجمهور
المسيّس» في معرض الكتاب التاسع والخمسين في البيال، ما انتجه الزميل سامي
كليب متصلاً بالحرب السورية والعلاقات السورية ـ الأميركية.
ويكشف الزميل سامي كليب في كتابه، عدداً مهما من محاضر الجلسات والوثائق السرية المتعلقة بالحرب السورية، وما قبلها، حيث يقدم قراءة جديدة داخلية وخارجية للزلزال السوري الذي وصلت ارتداداته الى معظم دول العالم والإقليم.
وبين عنوانين، الأول رئيسي: «الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج» والثاني فرعي «الحرب السورية بالوثائق السرية». يبدو سعي الكاتب واضحاً للتركيز على الحرب وأسبابها ولكن أيضاً على شخصية الرئيس بشار الأسد ودوره، وسط السؤال الذي رافق وصوله الى السلطة منذ البداية: هل هو تغييري أم إصلاحي أم رافض لأي تغيير؟
ويكشف الزميل سامي كليب في كتابه، عدداً مهما من محاضر الجلسات والوثائق السرية المتعلقة بالحرب السورية، وما قبلها، حيث يقدم قراءة جديدة داخلية وخارجية للزلزال السوري الذي وصلت ارتداداته الى معظم دول العالم والإقليم.
وبين عنوانين، الأول رئيسي: «الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج» والثاني فرعي «الحرب السورية بالوثائق السرية». يبدو سعي الكاتب واضحاً للتركيز على الحرب وأسبابها ولكن أيضاً على شخصية الرئيس بشار الأسد ودوره، وسط السؤال الذي رافق وصوله الى السلطة منذ البداية: هل هو تغييري أم إصلاحي أم رافض لأي تغيير؟
كتاب جديد لسامي كليب
«الحرب السورية بالوثائق السرية».. قراءة مغايرة لأسوأ حروب القرن
من بين الكتب التي سيتوقف عندها «الجمهور
المسيّس» في معرض الكتاب التاسع والخمسين في البيال، ما انتجه الزميل سامي
كليب متصلاً بالحرب السورية والعلاقات السورية ـ الأميركية.
ويكشف الزميل سامي كليب في كتابه، عدداً مهما من محاضر الجلسات والوثائق السرية المتعلقة بالحرب السورية، وما قبلها، حيث يقدم قراءة جديدة داخلية وخارجية للزلزال السوري الذي وصلت ارتداداته الى معظم دول العالم والإقليم.
وبين عنوانين، الأول رئيسي: «الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج» والثاني فرعي «الحرب السورية بالوثائق السرية». يبدو سعي الكاتب واضحاً للتركيز على الحرب وأسبابها ولكن أيضاً على شخصية الرئيس بشار الأسد ودوره، وسط السؤال الذي رافق وصوله الى السلطة منذ البداية: هل هو تغييري أم إصلاحي أم رافض لأي تغيير؟
ويكشف الزميل سامي كليب في كتابه، عدداً مهما من محاضر الجلسات والوثائق السرية المتعلقة بالحرب السورية، وما قبلها، حيث يقدم قراءة جديدة داخلية وخارجية للزلزال السوري الذي وصلت ارتداداته الى معظم دول العالم والإقليم.
وبين عنوانين، الأول رئيسي: «الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج» والثاني فرعي «الحرب السورية بالوثائق السرية». يبدو سعي الكاتب واضحاً للتركيز على الحرب وأسبابها ولكن أيضاً على شخصية الرئيس بشار الأسد ودوره، وسط السؤال الذي رافق وصوله الى السلطة منذ البداية: هل هو تغييري أم إصلاحي أم رافض لأي تغيير؟
وفي الكتاب عرض للمناخات المحلية والإقليمية
والدولية التي أحاطت بوصول الرئيس بشار الأسد الى السلطة، وما تبع ذلك من
ربيع دمشقي وأسباب قمعه. وفيه توقف عند مرحلة مفصلية تمثلت بالاجتياح
الأميركي البريطاني للعراق. ففي تلك المرحلة بالضبط بدأ الصدام الحقيقي بين
بشار الأسد الذي ذهب الى إيران يبحث مع مرشد الثورة السيد علي خامنئي
كيفية مقاومة الأميركيين على أرض العراق (وفق ما نرى في محضر جلسة الأسد مع
خامنئي)، وبين المحور الغربي الأطلسي الذي راح ينظر بعين الريبة والقلق
لتوجهات الأسد الفعلية وليس التكتيكية (خلافاً لوالده الراحل) صوب إيران و
«حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية المقاومة والمقاتلة..
هنا تقدم «السفير» فصلاً من فصول هذا الكتاب المهم والمثير بما يتضمنه من وقائع تفسر الكثير مما تشهده المنطقة حالياً.
الفخ الأميركي
حين وقعت الاعتداءات الإرهابية على أميركا في 11/9/2001 تدارست القيادة السورية في اجتماعات عديدة كيفية التعامل معها ومواجهة انعكاساتها. أشارت التصريحات التي صدرت عن المسؤولين والمعارضين على السواء إلى أن ثمة تحولاً أميركياً كبيراً سيجري وأن سوريا قد تتعرض لنصيب منه.
منذ اللحظة التي نقلت فيها تلفزات العالم اختراق الطائرة المهاجمة للبرج الشهير شعرت سوريا بأنها ستصبح هدفاً بالرغم من أن 15 من أصل 19 مهاجماً كانوا من السعودية وليس من سوريا. بعد شهرين من تلك الاعتداءات عقد عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري مؤتمراً صحافياً في دمشق قال فيه: «إن حرباً عالمية جديدة بدأت في نيويورك وواشنطن في 11/9/2001 وأن لا أحد يعرف كيف ومتى وأين ستنتهي»، وهو إذ أدان ما جرى من اعتداءات على أساس أنه أصاب «آلاف الناس ممن لا ناقة لهم ولا جمل»، رأى أن ما حدث «هو بداية حرب ضد عدو مجهول الهوية، وأن القرار 1373 الذي صدر تحت عنوان مكافحة الإرهاب يعني أنه عملياً قانون طوارئ دولي، ويعني عملياً الحد من سيادة الدول وجعلها تحت وصاية مجلس الأمن ويفتح الباب أمام حروب متعددة… وإلى صراع حضارات عوضاً عن إقامة حوار بين هذه الحضارات». كانت توقعات القيادة السورية في محلّها. سرعان ما صارت دمشق هدفاً منطقياً لردة الفعل الأميركية.
وهكذا، فإن سوريا التي لم يكن لها أي علاقة بتلك الاعتداءات والتي أبدت تعاوناً بعد فترة قصيرة مع الأميركيين بشأن مكافحة الإرهاب، كانت في طليعة من أصابته سهام واشنطن. راح بعض المسئولين السوريين يرون في الأمر تأثيراً كبيراً للوبي المؤيد لإسرائيل في أميركا في سياق استغلال هذا الوضع الدولي لضرب محور المقاومة الذي تؤيده دمشق ولمعاقبة سوريا على عدم توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل. فالاعتداءات الإرهابية على أميركا جاءت بعد عام تقريباً على فشل آخر محاولة قام بها الأميركيون في جنيف مع الأسد لدفعه إلى توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل عام 2000، أي قبيل أشهر قليلة من وفاته.
سعت دمشق لتفادي الأسوأ. لم تبخل في تقديم المعلومات والتعاون مع الاستخبارات الأميركية في سياق مكافحة الإرهاب وملاحقة إرهابيين مفترضين. يكشف الكاتب والصحافي الأميركي ذو الأصل اليهودي سيمور هيرش: «أن سوريا قدمت معلومات استخبارية حصلت عليها من التحقيق مع سوري يحمل الجنسية الألمانية هو محمد حيدر الزمّار الذي يُشَك بأنه لعب دوراً ما في هجمات 11 أيلول، وقدمت معلومات عن محمد عطا أحد المشاركين مباشرة في الهجوم على مركز التجارة الدولي وكان قد عمل في حلب أواسط التسعينيات. وكذلك عن مأمون دركزنلي وهو رجل أعمال سوري يُزعم بأنه لعب دور قناة مالية لأعضاء القاعدة المسئولين عن هجمات 11 أيلول وتفجير سفارتين أميركيتين في شرق أفريقيا» .
تعاملت أميركا مع سوريا على أن كل تعاونها هو واجب وليس منَّة ولا داعي بالتالي للمطالبة باعتراف أميركي أو بمكافأة. فـ «الأسد لم يحصل على أي شيء من أميركا مهما بلغت درجة تعاونه مع إدارة بوش أو مهما عبر عن حسن نية بشأن هذا الملف أو ذاك. تم تصنيف سوريا دولة مارقة تماماً كإيران والعراق، ويبدو أن الشيء الوحيد الذي تم اقتراحه على النظام السوري هو الاستسلام. لكن العكس هو الذي جرى: صمد النظام».
في تشريحه لما يصفها بـ «أخطاء سوريا الإستراتيجية في العلاقة مع واشنطن» يقول السفير اللبناني السابق في واشنطن عبدالله بوحبيب: «نعتقد أن أخطاء سوريا التي أوصلت الحال إلى ما هي عليه كانت في معظمها إستراتيجية ومميتة، وكانت نتيجة رفض دمشق الاعتراف بالمتغيرات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة وعدم رغبتها في تفهم الأجندة الأميركية بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 ما أدى إلى تدهور علاقاتها مع واشنطن… فقد تغيرت سياسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط تدريجاً من قوة تحافظ على الوضع القائم (statut quo) إلى عامل تغيير وإصلاح. وتخلت واشنطن عن اقتناع تاريخي شارك فيه العرب وأصدقاؤهم في الخارجية الأميركية، وهو أن إسرائيل هي سبب قيام الإرهاب الإسلامي والعربي. وباتت واشنطن تعتقد بأن الأنظمة العربية نفسها هي سبب النمو في الحركات الإرهابية التي ولّدت إرهابيين أمثال أسامة بن لادن، وأن انعدام الديمقراطية والحرية في هذه البلدان، هو سبب امتداد الحركات الأصولية والإرهابية مثل «تنظيم القاعدة»،… وأصبح ظاهراً أن بوش نفسه هو قائد المحافظين الجدد، وليس نائب الرئيس ديك تشيني أو وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وأزال تعيين كوندوليزا رايس في وزارة الخارجية القلعة الأخيرة للواقعية (realpolitik) في السياسة الخارجية الأميركية، كما أن تعيين جون بولتون لرئاسة البعثة الأميركية إلى الأمم المتحدة وبول وولفوويتز لرئاسة البنك الدولي إشارة واضحة إلى العالم باستمرار سياسة «معنا أو ضدنا»… وعندما اعتبرت واشنطن في الربيع الماضي أن دمشق غير قادرة أو غير راغبة في أن تفهم السياسة والأجندة الأميركية في المنطقة، قبلت مستشارة الأمن القومي يومذاك، كوندوليزا رايس، دعوة السفارة اللبنانية في واشنطن لحضور تكريم وزير الطاقة الأميركي من أصل لبناني وقرأت بياناً رسمياً تحدى سوريا أن تتدخل في الانتخابات الرئاسية اللبنانية. كانت الزيارة تعبيراً عن تغيير في سياسة واشنطن ورسالة إلى دمشق بأن أميركا لن تتسامح بعد اليوم مع التدخل السوري في لبنان الذي استمر ثلاثة عقود. بكلام آخر، كانت واشنطن تنبه سوريا إلى تغيير سياستها في لبنان من «ضوء أصفر» إلى «ضوء أحمر». ودل قيام رايس شخصياً بتسليم الرسالة على التزام بوش هذا التغيير في سياسة أميركا تجاه لبنان وسوريا» .
بين 2001 و2003 تاريخ احتلال العراق، عرفت العلاقات الأميركية السورية كثيراً من التوتر والتصريحات الاستفزازية ولكن تخللتها أيضاً محاولات أميركية لاستخدام الجزرة كمثل ضغط الإدارة على الكونغرس لتأجيل قانون محاسبة سوريا وفق ما صرحت وزارة الخارجية في 23 أيلول/سبتمبر عام 2002. لكن الأكيد أنه بعد احتلال العراق قررت أميركا أن الوقت قد حان لتغيير كل السلوك السوري، أي لنسف كل الأسس التي قامت عليها سياسة حافظ وبشار الأسد، واعتمدت طريق التخويف والتهديد والوعيد للتخلي عن دعم سوريا للمنظمات الفلسطينية وإغلاق مكاتبها على أرضها ووقف الدعم لحزب الله وقطع العلاقات مع إيران.
ومن جانبه، كان الأسد اقتنع بعد اجتياح العراق، أنه لا بد من مقاومة الأميركيين على الأرض العراقية كي لا يصلوا إلى أرضه، ولكنه أخطأ التقدير في قدرة صدام وجيشه على الصمود. كان يعتقد أنه سيقاتل طويلاً ويربك القوات الأميركية. لكن السقوط السريع لصدام وجيشه أربك الحسابات. لكن قبل ذلك كان الأسد سعى لحلف استراتيجي مع إيران لضرب الأميركيين في العراق.
جزء من محضر لقاء الأسد ـ خامنئي قبل اجتياح العراق
في 16 آذار/ مارس 2003، كان القلق السوري بلغ ذروته جراء المخططات والإشارات والتهديدات الأميركية…
ذهب الرئيس السوري للقاء المسؤولين الإيرانيين في طهران. كان اللقاء مع مرشد الثورة السيد علي خامنئي حاسماً وواضحاً في الذهاب صوب مقاومة أميركا في العراق. يتبين من محضر تلك الجلسة أن الأسد قال لمضيفه الإيراني: «لم نكن في بداية الأمر راغبين في الحرب لمعرفتنا بضررها الكبير، لكننا لا نستطيع أن ننتظر مجيئها إلينا، وتعلمون أننا وإياكم الوحيدون في المنطقة الذين نملك قرارنا، وباعتقادنا أن إطالة أمد الحرب هي أهم ما يمكن أن نعمل عليه لأن ذلك سيؤدي إلى إنهاك أميركا وإغراقها أكثر في الوحل العراقي. صحيح أن الكثير من الشعب العراقي لا يحب صدام حسين، لكنه لن يقبل احتلالاً أميركياً على أرضه، ونحن على اقتناع بأن مقاومة ستنطلق ضد هذا الاحتلال، ولا بد لنا من التنسيق قبل الحرب، لأنه في حال نجحت أميركا في العراق فستصبح إسرائيل هي التي تقرر مصير جميع الدول بما فيها سوريا وإيران، وسوف تنتقل الحرب ضد الفلسطينيين وتستهدف القضاء على المقاومة. ونحن نعتقد أنه علينا الآن التركيز على المواطن العراقي غير المرحب بالأميركي وغير المرتبط بواشنطن ولا ينتمي إلى أي جهة. يجب أن نعمل على إفشال أميركا في العراق، وإن لم نستطع هزمها يجب أن نساهم في إبقاء الوضع متفجراً وأن تحصل عمليات استشهادية، ذلك أن أكثر شيء يرعب الأميركيين هو أن نقول لهم إن أبناءكم سيقتلون في العراق».
كان لسان حال الأسد في كل اللقاءات مع خاتمي أو خامنئي أن الحل هو فقط بالإعداد للمقاومة. وهو إذ وجد بعض الحذر الدبلوماسي عند الرئيس محمد خاتمي وفق ما تظهر محاضر الجلسات، فإن مرشد الثورة وافقه تماماً على ضرورة المقاومة.
اعتبر خامنئي أن المقاومة ودعمها في العراق هما الأساس، على الرغم من أن سوريا وإيران كانتا آنذاك على طرفَي نقيض مع بعض المعارضة، كما أن دمشق كانت قد بدأت بإقامة علاقات مع العراق حتى ولو أن التقارب مع صدام كان فاتراً أو شبه معدوم بسبب أحقاد الماضي. وقبيل الحرب بفترة قصيرة ذهب رئيس الوزراء السوري محمد مصطفى ميرو إلى بغداد وقدم لصدام حسين سيفاً دمشقياً تعبيراً عن التضامن وطي صفحة الماضي. وما لم تقله الهدية، أوضحه ميرو بقوله لصدام: «إن العدوان على العراق هو عدوان على سوريا»، ثم إن الأسد نفسه استقبل من كانوا بالأمس القريب أشد خصومه في العراق: علي حسن المجيد وطه ياسين رمضان وغيرهما، وفتحت دمشق أبوابها لقادة العشائر ومسؤولين من المعارضة والكرد.
واللافت منذ تلك اللقاءات بين الأسد والمسؤولين الإيرانيين أو التي قام بها أيضاً نائب الرئيس عبد الحليم خدام آنذاك إلى بغداد، أن القلق من الفتنة المذهبية كان الشاغل الأول. كان الأسد يقول لمحادثيه في معظم اللقاءات إن أميركا قد تنجح فقط إذا ما خرقت النسيج الداخلي العراقي، ولذلك علينا جمع العراقيين والتواصل مع كل المعارضة. وهو ما كان يقوله أيضاً الإيرانيون وخدام. وهو ما ردده لاحقاً وفي أكثر من خطاب السيد حسن نصر الله معتبراً أن إسرائيل وأميركا عجزتا عن ضرب المقاومة بالقوة وأنهما ستلجآن إلى تفخيخ العرب والمسلمين بالفتنة السنية الشيعية.
كان لافتاً أيضاً أنه في خلال لقاءات الأسد في إيران، كان الطرفان على اقتناع بأن المشاريع التفتيتية والتقسيمية تستهدف السعودية إضافة إلى إيران والعراق وسوريا، ولو بنسبة أقل.
كانت تلك الفترة قد شهدت اغتيال محمد باقر الحكيم في آب 2003 وهو ابن السيد محسن الحكيم المرجع الشيعي البارز وهو أيضاً مؤسس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق. اغتيل بتفجير بعد خروجه من ضريح الإمام علي في أعقاب خطبة الجمعة. راحت الشكوك الإيرانية آنذاك تقول إن خلف الأمر ربما إسرائيل أو أميركا، وهو ما سمعه أيضاً بشار الأسد من المسؤولين الإيرانيين في تلك الزيارة وفق ما تظهر محاضر الجلسات والمحادثات. وكذلك الأمر بالنسبة إلى محاولة اغتيال جلال طالباني الذي كانت دمشق تنظر إليه بثقة أقل من تلك التي تمنحها للبارازاني، إضافة إلى عملية اغتيال المبعوث الدولي سيرجيو دي ميليو في عملية تفجير في الشهر نفسه، وهو ما دفع طهران إلى اليقين بأن من اجتاح العراق لا يريد شهوداً على ما جرى وسيجري.
كان الهدف إذاً بعيداً كل البعد عن الهجمات الإرهابية على أميركا ومرتبطاً كل الارتباط بموقف سوريا من المقاومة وإسرائيل. منذ تلك الساعات الحاملة كل القلق، بدأت الحملة الممنهجة لتدمير سوريا إن لم تغير إستراتيجيتها وتنحو صوب الدول الموسومة بالاعتدال والحليفة لأميركا والقابلة بالسلام مع إسرائيل، حتى ولو بشروط مجحفة في حق العرب.
هذا ما بدا واضحاً من خلال الرسالة التحذيرية والمباشرة التي حملها وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى الرئيس بشار الأسد في 3 أيار/مايو 2003 والتي لم تنشر كاملة ولا مرة قبل الآن. وهذه أولى الوثائق التي نعرضها في الكتاب.
يقول عبد العزيز الخيّر المعارض الماركسي: «جاء احتلال بغداد في سياق مشروع الشرق الأوسط الكبير ليرفع المخاطر والتهديدات إلى مستوى شديد السخونة، وليتبعه بلا إبطاء تفاهم أميركي ـ فرنسي على تغيير الوضع في لبنان ومباشرة الضغوط والحصار على النظام لإخضاعه سياسياً واقتصادياً للمشروع الجديد بلا قيد أو شرط، كحلقة يتعين إسقاطها لإسقاط سائر حلقات المحور الذي يندرج فيه مع إيران وحزب الله وحماس، ذلك المحور الرافض لمشروع الشرق الأوسط الكبير. وقد استمرت تلك الضغوط حتى نهاية العام 2008 عندما فشل العدوان على غزة في إسقاط حماس كما فشلت محاولة استئصال حزب الله في لبنان عام 2006».
هنا تقدم «السفير» فصلاً من فصول هذا الكتاب المهم والمثير بما يتضمنه من وقائع تفسر الكثير مما تشهده المنطقة حالياً.
الفخ الأميركي
حين وقعت الاعتداءات الإرهابية على أميركا في 11/9/2001 تدارست القيادة السورية في اجتماعات عديدة كيفية التعامل معها ومواجهة انعكاساتها. أشارت التصريحات التي صدرت عن المسؤولين والمعارضين على السواء إلى أن ثمة تحولاً أميركياً كبيراً سيجري وأن سوريا قد تتعرض لنصيب منه.
منذ اللحظة التي نقلت فيها تلفزات العالم اختراق الطائرة المهاجمة للبرج الشهير شعرت سوريا بأنها ستصبح هدفاً بالرغم من أن 15 من أصل 19 مهاجماً كانوا من السعودية وليس من سوريا. بعد شهرين من تلك الاعتداءات عقد عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري مؤتمراً صحافياً في دمشق قال فيه: «إن حرباً عالمية جديدة بدأت في نيويورك وواشنطن في 11/9/2001 وأن لا أحد يعرف كيف ومتى وأين ستنتهي»، وهو إذ أدان ما جرى من اعتداءات على أساس أنه أصاب «آلاف الناس ممن لا ناقة لهم ولا جمل»، رأى أن ما حدث «هو بداية حرب ضد عدو مجهول الهوية، وأن القرار 1373 الذي صدر تحت عنوان مكافحة الإرهاب يعني أنه عملياً قانون طوارئ دولي، ويعني عملياً الحد من سيادة الدول وجعلها تحت وصاية مجلس الأمن ويفتح الباب أمام حروب متعددة… وإلى صراع حضارات عوضاً عن إقامة حوار بين هذه الحضارات». كانت توقعات القيادة السورية في محلّها. سرعان ما صارت دمشق هدفاً منطقياً لردة الفعل الأميركية.
وهكذا، فإن سوريا التي لم يكن لها أي علاقة بتلك الاعتداءات والتي أبدت تعاوناً بعد فترة قصيرة مع الأميركيين بشأن مكافحة الإرهاب، كانت في طليعة من أصابته سهام واشنطن. راح بعض المسئولين السوريين يرون في الأمر تأثيراً كبيراً للوبي المؤيد لإسرائيل في أميركا في سياق استغلال هذا الوضع الدولي لضرب محور المقاومة الذي تؤيده دمشق ولمعاقبة سوريا على عدم توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل. فالاعتداءات الإرهابية على أميركا جاءت بعد عام تقريباً على فشل آخر محاولة قام بها الأميركيون في جنيف مع الأسد لدفعه إلى توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل عام 2000، أي قبيل أشهر قليلة من وفاته.
سعت دمشق لتفادي الأسوأ. لم تبخل في تقديم المعلومات والتعاون مع الاستخبارات الأميركية في سياق مكافحة الإرهاب وملاحقة إرهابيين مفترضين. يكشف الكاتب والصحافي الأميركي ذو الأصل اليهودي سيمور هيرش: «أن سوريا قدمت معلومات استخبارية حصلت عليها من التحقيق مع سوري يحمل الجنسية الألمانية هو محمد حيدر الزمّار الذي يُشَك بأنه لعب دوراً ما في هجمات 11 أيلول، وقدمت معلومات عن محمد عطا أحد المشاركين مباشرة في الهجوم على مركز التجارة الدولي وكان قد عمل في حلب أواسط التسعينيات. وكذلك عن مأمون دركزنلي وهو رجل أعمال سوري يُزعم بأنه لعب دور قناة مالية لأعضاء القاعدة المسئولين عن هجمات 11 أيلول وتفجير سفارتين أميركيتين في شرق أفريقيا» .
تعاملت أميركا مع سوريا على أن كل تعاونها هو واجب وليس منَّة ولا داعي بالتالي للمطالبة باعتراف أميركي أو بمكافأة. فـ «الأسد لم يحصل على أي شيء من أميركا مهما بلغت درجة تعاونه مع إدارة بوش أو مهما عبر عن حسن نية بشأن هذا الملف أو ذاك. تم تصنيف سوريا دولة مارقة تماماً كإيران والعراق، ويبدو أن الشيء الوحيد الذي تم اقتراحه على النظام السوري هو الاستسلام. لكن العكس هو الذي جرى: صمد النظام».
في تشريحه لما يصفها بـ «أخطاء سوريا الإستراتيجية في العلاقة مع واشنطن» يقول السفير اللبناني السابق في واشنطن عبدالله بوحبيب: «نعتقد أن أخطاء سوريا التي أوصلت الحال إلى ما هي عليه كانت في معظمها إستراتيجية ومميتة، وكانت نتيجة رفض دمشق الاعتراف بالمتغيرات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة وعدم رغبتها في تفهم الأجندة الأميركية بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 ما أدى إلى تدهور علاقاتها مع واشنطن… فقد تغيرت سياسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط تدريجاً من قوة تحافظ على الوضع القائم (statut quo) إلى عامل تغيير وإصلاح. وتخلت واشنطن عن اقتناع تاريخي شارك فيه العرب وأصدقاؤهم في الخارجية الأميركية، وهو أن إسرائيل هي سبب قيام الإرهاب الإسلامي والعربي. وباتت واشنطن تعتقد بأن الأنظمة العربية نفسها هي سبب النمو في الحركات الإرهابية التي ولّدت إرهابيين أمثال أسامة بن لادن، وأن انعدام الديمقراطية والحرية في هذه البلدان، هو سبب امتداد الحركات الأصولية والإرهابية مثل «تنظيم القاعدة»،… وأصبح ظاهراً أن بوش نفسه هو قائد المحافظين الجدد، وليس نائب الرئيس ديك تشيني أو وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وأزال تعيين كوندوليزا رايس في وزارة الخارجية القلعة الأخيرة للواقعية (realpolitik) في السياسة الخارجية الأميركية، كما أن تعيين جون بولتون لرئاسة البعثة الأميركية إلى الأمم المتحدة وبول وولفوويتز لرئاسة البنك الدولي إشارة واضحة إلى العالم باستمرار سياسة «معنا أو ضدنا»… وعندما اعتبرت واشنطن في الربيع الماضي أن دمشق غير قادرة أو غير راغبة في أن تفهم السياسة والأجندة الأميركية في المنطقة، قبلت مستشارة الأمن القومي يومذاك، كوندوليزا رايس، دعوة السفارة اللبنانية في واشنطن لحضور تكريم وزير الطاقة الأميركي من أصل لبناني وقرأت بياناً رسمياً تحدى سوريا أن تتدخل في الانتخابات الرئاسية اللبنانية. كانت الزيارة تعبيراً عن تغيير في سياسة واشنطن ورسالة إلى دمشق بأن أميركا لن تتسامح بعد اليوم مع التدخل السوري في لبنان الذي استمر ثلاثة عقود. بكلام آخر، كانت واشنطن تنبه سوريا إلى تغيير سياستها في لبنان من «ضوء أصفر» إلى «ضوء أحمر». ودل قيام رايس شخصياً بتسليم الرسالة على التزام بوش هذا التغيير في سياسة أميركا تجاه لبنان وسوريا» .
بين 2001 و2003 تاريخ احتلال العراق، عرفت العلاقات الأميركية السورية كثيراً من التوتر والتصريحات الاستفزازية ولكن تخللتها أيضاً محاولات أميركية لاستخدام الجزرة كمثل ضغط الإدارة على الكونغرس لتأجيل قانون محاسبة سوريا وفق ما صرحت وزارة الخارجية في 23 أيلول/سبتمبر عام 2002. لكن الأكيد أنه بعد احتلال العراق قررت أميركا أن الوقت قد حان لتغيير كل السلوك السوري، أي لنسف كل الأسس التي قامت عليها سياسة حافظ وبشار الأسد، واعتمدت طريق التخويف والتهديد والوعيد للتخلي عن دعم سوريا للمنظمات الفلسطينية وإغلاق مكاتبها على أرضها ووقف الدعم لحزب الله وقطع العلاقات مع إيران.
ومن جانبه، كان الأسد اقتنع بعد اجتياح العراق، أنه لا بد من مقاومة الأميركيين على الأرض العراقية كي لا يصلوا إلى أرضه، ولكنه أخطأ التقدير في قدرة صدام وجيشه على الصمود. كان يعتقد أنه سيقاتل طويلاً ويربك القوات الأميركية. لكن السقوط السريع لصدام وجيشه أربك الحسابات. لكن قبل ذلك كان الأسد سعى لحلف استراتيجي مع إيران لضرب الأميركيين في العراق.
جزء من محضر لقاء الأسد ـ خامنئي قبل اجتياح العراق
في 16 آذار/ مارس 2003، كان القلق السوري بلغ ذروته جراء المخططات والإشارات والتهديدات الأميركية…
ذهب الرئيس السوري للقاء المسؤولين الإيرانيين في طهران. كان اللقاء مع مرشد الثورة السيد علي خامنئي حاسماً وواضحاً في الذهاب صوب مقاومة أميركا في العراق. يتبين من محضر تلك الجلسة أن الأسد قال لمضيفه الإيراني: «لم نكن في بداية الأمر راغبين في الحرب لمعرفتنا بضررها الكبير، لكننا لا نستطيع أن ننتظر مجيئها إلينا، وتعلمون أننا وإياكم الوحيدون في المنطقة الذين نملك قرارنا، وباعتقادنا أن إطالة أمد الحرب هي أهم ما يمكن أن نعمل عليه لأن ذلك سيؤدي إلى إنهاك أميركا وإغراقها أكثر في الوحل العراقي. صحيح أن الكثير من الشعب العراقي لا يحب صدام حسين، لكنه لن يقبل احتلالاً أميركياً على أرضه، ونحن على اقتناع بأن مقاومة ستنطلق ضد هذا الاحتلال، ولا بد لنا من التنسيق قبل الحرب، لأنه في حال نجحت أميركا في العراق فستصبح إسرائيل هي التي تقرر مصير جميع الدول بما فيها سوريا وإيران، وسوف تنتقل الحرب ضد الفلسطينيين وتستهدف القضاء على المقاومة. ونحن نعتقد أنه علينا الآن التركيز على المواطن العراقي غير المرحب بالأميركي وغير المرتبط بواشنطن ولا ينتمي إلى أي جهة. يجب أن نعمل على إفشال أميركا في العراق، وإن لم نستطع هزمها يجب أن نساهم في إبقاء الوضع متفجراً وأن تحصل عمليات استشهادية، ذلك أن أكثر شيء يرعب الأميركيين هو أن نقول لهم إن أبناءكم سيقتلون في العراق».
كان لسان حال الأسد في كل اللقاءات مع خاتمي أو خامنئي أن الحل هو فقط بالإعداد للمقاومة. وهو إذ وجد بعض الحذر الدبلوماسي عند الرئيس محمد خاتمي وفق ما تظهر محاضر الجلسات، فإن مرشد الثورة وافقه تماماً على ضرورة المقاومة.
اعتبر خامنئي أن المقاومة ودعمها في العراق هما الأساس، على الرغم من أن سوريا وإيران كانتا آنذاك على طرفَي نقيض مع بعض المعارضة، كما أن دمشق كانت قد بدأت بإقامة علاقات مع العراق حتى ولو أن التقارب مع صدام كان فاتراً أو شبه معدوم بسبب أحقاد الماضي. وقبيل الحرب بفترة قصيرة ذهب رئيس الوزراء السوري محمد مصطفى ميرو إلى بغداد وقدم لصدام حسين سيفاً دمشقياً تعبيراً عن التضامن وطي صفحة الماضي. وما لم تقله الهدية، أوضحه ميرو بقوله لصدام: «إن العدوان على العراق هو عدوان على سوريا»، ثم إن الأسد نفسه استقبل من كانوا بالأمس القريب أشد خصومه في العراق: علي حسن المجيد وطه ياسين رمضان وغيرهما، وفتحت دمشق أبوابها لقادة العشائر ومسؤولين من المعارضة والكرد.
واللافت منذ تلك اللقاءات بين الأسد والمسؤولين الإيرانيين أو التي قام بها أيضاً نائب الرئيس عبد الحليم خدام آنذاك إلى بغداد، أن القلق من الفتنة المذهبية كان الشاغل الأول. كان الأسد يقول لمحادثيه في معظم اللقاءات إن أميركا قد تنجح فقط إذا ما خرقت النسيج الداخلي العراقي، ولذلك علينا جمع العراقيين والتواصل مع كل المعارضة. وهو ما كان يقوله أيضاً الإيرانيون وخدام. وهو ما ردده لاحقاً وفي أكثر من خطاب السيد حسن نصر الله معتبراً أن إسرائيل وأميركا عجزتا عن ضرب المقاومة بالقوة وأنهما ستلجآن إلى تفخيخ العرب والمسلمين بالفتنة السنية الشيعية.
كان لافتاً أيضاً أنه في خلال لقاءات الأسد في إيران، كان الطرفان على اقتناع بأن المشاريع التفتيتية والتقسيمية تستهدف السعودية إضافة إلى إيران والعراق وسوريا، ولو بنسبة أقل.
كانت تلك الفترة قد شهدت اغتيال محمد باقر الحكيم في آب 2003 وهو ابن السيد محسن الحكيم المرجع الشيعي البارز وهو أيضاً مؤسس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق. اغتيل بتفجير بعد خروجه من ضريح الإمام علي في أعقاب خطبة الجمعة. راحت الشكوك الإيرانية آنذاك تقول إن خلف الأمر ربما إسرائيل أو أميركا، وهو ما سمعه أيضاً بشار الأسد من المسؤولين الإيرانيين في تلك الزيارة وفق ما تظهر محاضر الجلسات والمحادثات. وكذلك الأمر بالنسبة إلى محاولة اغتيال جلال طالباني الذي كانت دمشق تنظر إليه بثقة أقل من تلك التي تمنحها للبارازاني، إضافة إلى عملية اغتيال المبعوث الدولي سيرجيو دي ميليو في عملية تفجير في الشهر نفسه، وهو ما دفع طهران إلى اليقين بأن من اجتاح العراق لا يريد شهوداً على ما جرى وسيجري.
كان الهدف إذاً بعيداً كل البعد عن الهجمات الإرهابية على أميركا ومرتبطاً كل الارتباط بموقف سوريا من المقاومة وإسرائيل. منذ تلك الساعات الحاملة كل القلق، بدأت الحملة الممنهجة لتدمير سوريا إن لم تغير إستراتيجيتها وتنحو صوب الدول الموسومة بالاعتدال والحليفة لأميركا والقابلة بالسلام مع إسرائيل، حتى ولو بشروط مجحفة في حق العرب.
هذا ما بدا واضحاً من خلال الرسالة التحذيرية والمباشرة التي حملها وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى الرئيس بشار الأسد في 3 أيار/مايو 2003 والتي لم تنشر كاملة ولا مرة قبل الآن. وهذه أولى الوثائق التي نعرضها في الكتاب.
يقول عبد العزيز الخيّر المعارض الماركسي: «جاء احتلال بغداد في سياق مشروع الشرق الأوسط الكبير ليرفع المخاطر والتهديدات إلى مستوى شديد السخونة، وليتبعه بلا إبطاء تفاهم أميركي ـ فرنسي على تغيير الوضع في لبنان ومباشرة الضغوط والحصار على النظام لإخضاعه سياسياً واقتصادياً للمشروع الجديد بلا قيد أو شرط، كحلقة يتعين إسقاطها لإسقاط سائر حلقات المحور الذي يندرج فيه مع إيران وحزب الله وحماس، ذلك المحور الرافض لمشروع الشرق الأوسط الكبير. وقد استمرت تلك الضغوط حتى نهاية العام 2008 عندما فشل العدوان على غزة في إسقاط حماس كما فشلت محاولة استئصال حزب الله في لبنان عام 2006».
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire