مثلث برمودا السوري
ثلاثة محاور تدور فيها جميع أطراف الأزمة السورية:
1- الاقتراب
بحذر من الحرب الاقليمية.
2- الاقتراب
القلق من الفوضى الداخلية.
3- جمع
أوراق التفاوض في اطار التسوية.
بين واشنطن و موسكو
سعت الولايات المتحدة الأمريكية منذ اليوم الأول للأزمة
السورية لإتباع سياسة توظيف الحلفاء و المواقف في دائرة تحسين موقعها التفاوضي مع
روسيا. العقلية البراغاماتية الأمريكية لعبت على عدة محاور. على الصعيد الخليجي و
العربي و الاقليمي مازالت الولايات المتحدة تستثمر حالة التنافس السعودي القطري.
هذا التنافس أدى الى اصابة مجلس التعاون الخليجي بالشلل التام و ظهور قطر على شكل اللاعب
الأكثر حيوية. اما في اطار التحالف مع تركيا و المصالحة التركية الاسرائيلية و ما
سبقها من تفاهمات حمساوية صبت جميعها في تمكين قطر من اضعاف الدور السعودي في
المسألة الفلسطينية الذي وصل الى حدود طرح افكار بديلة عن المبادرة العربية سعودية
المنشأ.
على صعيد آخر, شكل التنافس الايراني السعودي في العراق
أهم أوراق التوظيف الأمريكي للضغط على الدولة العراقية لاتخاذ موقف أقرب الى
الحياد السلبي في الأزمة السورية و الذي أخذ شكل المقايضة مقابل التهدئة على
الساحة العراقية. من جهة أخرى, جاءت التفاهمات الكردية التركية تحت الرعاية
الأمريكية لوقف اطلاق النار بين
الطرفين مدخلاً أساسياً لتعديل موقف أكراد سوريا من الأزمة السورية. و
لا تخرج استقالة الحكومة اللبنانية عن مناخ التوتير الاقليمي الموظف امريكياً, و
الذي قد يحاول البعض استثماره لاحقاً من أجل أهداف صغيرة كانجاح عودة سعد الحريري
الى لبنان عبر التلويح بالمنادة به رئيساً للوزراء.
شكلت حالة
التوتر المحدودة على جبهة الجولان احدى الأوراق الأمريكية المستثمرة في اطار
الأزمة السورية, فجاءت هذه التوترات على شكل استفزازات عسكرية محدودة تعبر عن
اشارات التلويح من الاقتراب من أجواء الحرب الاقليمية, خصوصاً بعد اتمام المصالحة
بين الأتراك و الاسرائيليين بالرعاية الأمريكية. أما على الحدود السورية الأردنية
فهناك تطورات متعددة ألأشكال منها العسكري و الأمني و الاقتصادي و الاجتماعي و حتى
الاداري. هذا المشهد هو محاولة من الأطراف مجتمعة لممارسة ضغوط على الأردن لإدخاله
مرغماً في معادلة الأزمة السورية وفق الرؤية الأمريكية من أحل احكام الطوق على
سوريا من مختلف الجهات الحدودية. في المقابل تمتعت الدولة الأردنية في اطار
تعاملها مع الأزمة السورية بروح المسؤولية المتوازنة اتجاه مصالح الشعب الأردني
العليا أولاً و مصالح الشعب السوري من خلال الديناميكية السياسية مع الاطراف
الدولية و الاقليمية و العربية, مما يساعد على دفع سوريا باتجاه التسوية السياسية
المتوازنة التي تضمن مصالح الشعب السوري اولا و مصالح الاطراف العربية. و قد بدا
واضحاً أن الدور الأردني في القمة العربية سعى لتخفيف سقف الحلول الى مستوى
التسوية السياسية بعيداً عن الفوضى و الحرب الاقليمية التي تسعى اليها بعض الأطراف
و خاصة دولة قطر. حيث ظهر جلياً أن المحاولات البائسة لملأ فراغ التمثيل السوري
الناتج عن الرعونة القطرية و اختطاف مشهد الجامعة العربية, سيؤدى الى كوارث حقيقية
على الأرض في سوريا. فالتمثيل السياسي وفقاً للوصفة القطرية قد يؤدي الى شرذمة
المعارضة المسلحة على الأرض السورية, و بالتالي انهاء فكرة المرجعيات و الدخول في
مرحلة "تفريخ التنظيمات", مما قد يؤدي لاحقاً الى نتائج كارثية يصعب
احتوائها. المثال الحي لبداية هذه الأزمة جاء بعد رفض الجيش الحر الاعتراف
بالحكومة المؤقتة, الأمر الذي انعكست هزاته الارتدادية داخل التنظيم العسكري
بإصابة العقيد رياض الأسعد و اخراجه من المشهد.
في المقابل مازال الموقف الروسي يتسم ببرودة الاعصاب و
النفس الطويل و ذلك بسبب إدراك موسكو بأن مختلف الاطراف التي تدور في فلك الادارة
الأمريكية أعجز من ان تذهب باتجاه الحرب الاقليمية او حتى الفوضى. لهذا فمن
المتوقع ان تتسع دائرة التوتر لتشمل مساحات أوسع من اقليم الشرق الأوسط وصولاً
لشبه الجزيرة الكورية مروراً بإيران و أفغانستان و انتهاءً بالقارة الافريقية. لكن
بقي ان نقول أن هذه المحاولات الأمريكية الساعية لجمع الأوراق التفاوضية قد تتعرض
قريباً الى اهتزازات مربكة للإستراتيجية الامريكية في الشرق الأوسط و العالم.
د.عامر السبايلة
http://amersabaileh.blogspot.com
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire