25 juin 2014

attentat de Beyrouth, voici le camarade de la sécurité qui est décédé.

انتشرت على «فايسبوك» صورة الشهيد عبد الكريم حدرج

«منشوفِك»، قال الشهيد المفتش الثاني في الأمن العام عبد الكريم حدرج لرفيقته ريتا قبل ساعات من استشهاده. التقيا عند الثامنة من مساء أمس الأول، وتبادلا أطراف الحديث وافترقا. هما رفيقان منذ الطفولة، تربيا معا، «من هو صغير، كان رايق وهادئ، ومتل القمر»، تقول ريتا وتمسح دموعها. أخبرها البارحة أنه «منشغل، ووقته ضيّق، ولا يتسنى له الوقت للجلوس في المقهى أو الحيّ».
إلى جانب ريتا، تقف الرفيقة ميرفت وتبكي بصمت. تحاول أن تجد كلماتها «يقضي معظم وقته في العمل، حنون وخدوم، لا يرفض طلب أحد، وما بيزعل حدا. يدافع عن الأشخاص والحق، ويحب المغامرة، ولا يكترث للشؤون السياسية. شجّعني أكثر من مرة على التقدّم إلى الأمن العام...». وتفقد ميرفت الكلمات، وتتوقّف عن الكلام، تبكي بحزن صامت، موجع كالغياب.
يخبر أحد الأصدقاء المقرّبين أن عبد الكريم التحق بالأمن العام في أيلول 2012. كان يتضايق، مثل جميع العناصر، من صعوبة التدريبات، والاستيقاظ في الليل. وكان مجتهداً أثناء الدورات التدريبية ولا يحتاج إلى إعادة المقررات مرات عدة لينجح في الامتحانات».
تشبه يارا (12 عاماً)، الأخت الصغرى (لديه أختان)، أخاها كثيراً. لها عينان ملونتان وحضور هادئ. بين عيني يارا وعيني أخيها أكثر من بندقية، بينهما بريق ضوئي شفاف. تلمع عينا يارا بريقاً يشبه ما تظهره عينا عبد الكريم (انتشرت صور له على مواقع التواصل الاجتماعيّ)، كأن البريق لم يمض، لم يغادر المكان، لم ينطفئ. يتحلق الأصدقاء الصغار حولها، من دون أن يدركوا ما يجري. ما زالت الأخت الصغيرة تتحدث عن أخيها كأنه هنا: «كتير مهضوم، يحب الملوخيّة، من دون أن يساعدنا في تحضيرها. لم يكن فوضوياً في البيت، على عكس الصورة الشائعة عن الشباب. كان هادئاً، حنوناً، متفائلاً. نتحدث، في العادة، عن يومياتنا، شو عملنا اليوم، ولا يحب عجقة السير، ما بيحب النطرة».
انتظر عبد الكريم 25 من شهر كانون الثاني الماضي ليفصح عن حبه لحبيبته، ليعترف لها بأنه يحلم بها ويحبها. يختلط على الحبيبة تاريخ ميلاد عبد الكريم (11/1/1994) وتاريخ بداية مشوار الحب (25/1/2014).» يعرف كل منهما الآخر منذ سبع سنوات، وكان ينوي الخطوبة قريباً»، تقول أم الحبيبة بينما تفتش في الهاتف عن صورة عيد الميلاد.
فاجأ عبد الكريم حبيبته بعيد ميلادها بقالب من الحلوى، وبهدايا. وكان يغار عليها كثيراً: «أعطاني مرة جاكيت حتى لا أكشف عن كتفي». يحب صفاتها ويكره عنادها، خصوصاً حين لا تأخذ برأيه. وكان يطمح في أن يتابع تعليمه الجامعي، وفي أن يؤسس أسرة وأن يرزق طفلاً يسميه رضا، تيمّنا باسم عمه الشهيد.
«متل كلّ الشباب، كان ينوي عبد الكريم أن يؤسس لمستقبله، أن يشتري بيتاً، ويعيش حياة أحلى. كان يردد مراراً أمنياته بحياة أجمل»، يخبر خاله محمد بزي. يقف الخال حزيناً. يتحدّث برقة عن صفات الشهيد كأنه يلامسها بين يديه: «كتير لذيذ، رايق، سلس، لا يتأثر بمحيطه، مهذب، ويحب الأمن العام».
تدمع عينا زوجة الخال ميريام، تجلس في مقعدها الخلفي في «حسينية روضة الشهيدين» وتروي: «نجتمع في العادة عند بيت الجد، عبد الكريم شاب طيب وآدمي، ولا يهتم بالسياسة، ولديه أصدقاء كثر». فتضيف الحبيبة أن عبد الكريم كان يحب زيارة بلدته البازورية، برفقة الأصدقاء، ولا يرغب في الذهاب وحيداً.
لا يمضي الأبطال وحيدين. ترافقهم الدموع والأشواق وألم الفقد، ترافقهم الصور المعلقة والذكريات والكلمات. «ماما متضايقة كتير، وبابا فخور بابنه البطل الذي افتدى بروحه لينقذ الآخرين»، تقول الأخت الصغرى يارا بثقة وثبات، كأن الحياة استعجلت على طفولتها وعلى بريق عينيها بشعور الفقد وبمفاهيم الإرهاب والبطولة.
يخبر الأقارب أن عبد الكريم يهوى كرة القدم ويمارسها، ويشجع المنتخب الإيطالي. اشترى العلم الإيطالي ووضعه على السيارة منذ فترة قصيرة. لا يعرف المرء إذا كان عبد الكريم تابع جميع المباريات أو توقع النتائج، غير أن عبد الكريم لن يتابع المباريات المقبلة، ولن يصفق حين يفوز فريقه المفضل. سيرفرف العلم وحيداً مع هبوب النسائم ولن يلوحه عبد الكريم بيديه حين يسجل الفريق الإيطالي الأهداف. ففي بلادنا، لا نسجل الأهداف، ولا نفوز بحياة لائقة وجميلة، بل نخسر الأبناء والأحباب، ونتذكر أنهم كانوا يحبون طبق «الملوخية»، وأعياد الميلاد، ويرغبون في انجاب الأطفال بسلام وأمان، ويختارون لهم الأسماء، فنكتب عنهم بينما تصرخ قلوب الأمهات، وتبكي قلوب الآباء على الفقد وتلمع عينا الأخوات الصغار حزناً وألماً.
«عبّودي» ينضم إلى عمّه الشهيد
انضم عبد الكريم فضل حدرج (عبودي) كما يحلو لعائلته مناداته، إلى قافلة الشهداء في بلدته البازورية، التي كان يزورها في عطلة نهاية الاسبوع مع افراد أسرته التي تقيم في الشياح.
خبر استشهاد المفتش الثاني في الامن العام، ابن العشرين ربيعاً، لم يكن وقعه على أبناء بلدته عادياً. فهو من ناحية نبأ مفجع ومحزن، ومن ناحية أخرى فخر لمحبيه بعدما افتدى بروحه العشرات، مستكملا طريق الشهادة والتضحية التي تربى عليها في عائلته المقاومة.
مسيرة عائلة حدرج في البلدة معمدة بالشهادة فداء للوطن من اقصاه إلى اقصاه، فعم الشهيد عبد الكريم، رضا حدرج استشهد في الشهر ذاته من العام 1982 اثناء تصديه لقوات الاحتلال الإسرائيلي عند مثلث خلدة، في صفوف «الحزب الشيوعي اللبناني».
بالرغم من فداحة الخسارة يفخر محمود بابن شقيقه (عبودي). أما صديقه وقريبه علاء نسر فقد رثاه بالقول: «بالأمس كنا فتيانا نحرس ذاك الحي، واليوم رحلت باكراً يا رفيقي».

«الأمن العام» ينعى حدرج: متأهبون في مواجهة الإرهاب
نعت المديرية العامة للأمن العام في بيان شهيدها المفتش الثاني عبد الكريم حدرج. وأكّدت أن «الشهيد حدرج دفع حياته ثمناً للمهمة التي كلف بها أثناء قيامه بواجبه الوطني وفي التصدي للإرهاب، وهو الذي اشتبه مع رفيقه المفتش الثاني علي جابر بسائق السيارة المفخخة أثناء توقيفها بعكس السير في وسط الطريق في المنطقة محاولين توقيفه، وأجبر الشهيد حدرج الانتحاري الإرهابي بعدم التحرك بانتظار أن يقوم رفيقه جابر باستدعاء القوى العسكرية القريبة من المنطقة لعلهما ينجحان في منع تنفيذ العملية».
وتابع البيان «إن المديرية العامة للأمن العام تؤكد أن شهيدها افتدى بجسده عدداً غير قليل من المدنيين والعسكريين الأبرياء الذين كان من الممكن أن يكونوا ضحية للعملية الإرهابية، وجنّب المنطقة كارثة حقيقية في ما لو نجح الإرهابي في الوصول إلى أي تجمّع مدني أو عسكري لتنفيذ جريمته». وأضاف: «إن المديرية العامة للأمن العام تؤكد مرة أخرى أن عناصرها متأهبون بكامل وعيهم وقدراتهم وجهوزيتهم في مواجهة الإرهاب إلى جانب باقي القوى الأمنية لحماية المواطنين المستهدَفين في مسلسل يبدو أنه عاد ليطل على الساحة اللبنانية». لافتاً إلى أن «الأمن العام، الذي يعتز بشهادة عبد الكريم حدرج، يتوجه بواجب العزاء من عائلتيه الصغرى والكبرى ورفاقه في السلاح، ويتمنى الشفاء العاجل للجرحى المدنيين والعسكريين، كما يدعو المواطنين إلى التعاون مع القوى الأمنية والعسكرية لدرء الأخطار المحيطة بالوطن».
السفير 

Aucun commentaire: