21 juin 2013

الأزمة السورية تتسلل الى أروقة القرار الأمريكي





·        مع انطلاق مؤتمر اصدقاء سوريا في الدوحة قد يكون الداخل السوري على موعد مع هجمات ارهابية  مكثفة غير تقليدية و في اماكن متعددة.
انتهت مناورات الاسد المتأهب في نسختها الثانية  و اخذت معها احلام الكثيرين في التدخل العسكري في سوريا. في المقابل, عاد محور حلفاء الولايات المتحدة للانصياع للنزوات الفرنسية "المغذية خليجياً" و بدأ الاستعداد لممارسة هواياته في "الاجتماع" عبر التحضير لعقد لقاء "مؤتمر أصدقاء سوريا" في الدوحة. تسليح المعارضة هو البند الرئيسي على أجندة المؤتمر. 
الكثيرون يتساءلون عن حقيقة الموقف الغربي و أهدافه. فقبل أيام قليلة في قمة الثمانية ظهر الخلاص من جبهة النصرة على أنه القاسم المشترك الاكبر و العامل الموحد لمطالب الجميع  دون استثناء. حيث اعتبر المشاركون ان الاولوية في سوريا هي للقضاء على جبهة النصرة  و لابد من تعاون الجميع لتحقيق هذه الغاية. بعد أيام قليلة تعود اسطوانة الجوقة الفرنسية المطالبة بتسليح المعارضة و يرافقها في هذه المرة اوركسترا اميركية تتحدث عن رغبة فريق واسع في الخارجية الأمريكية توجيه ضربة عسكرية لسوريا, تهدف الى "تركيع" النظام السوري وفقاً للتعبير المستخدم من قبل هذا الفريق.
 خلاف نشب بين وزير الخارجية الامريكي جون كيري و رئيس هيئة الاركان الجنرال ديمبسي  حول ضرورة توجيه الولايات المتحدة ضربة للقواعد العسكرية السورية على غرار و نمط حرب يوغسلافيا التي قادتها ادارة بيل كلينتون "الديمقراطية" آنذاك. الجنرال ديمبسي رفض الفكرة جملةً و تفصيلاً, و تسائل ان كان جون كيري نفسه يحمل أي تصور لشكل المشهد ما بعد الضربة المفترضة او حتى طبيعة التعامل مع نتائجها. اختلاف الرؤى هذا قد يكون ناتج عن وقوع الولايات المتحدة بين المطرقة و السندان فيما يتعلق بالأزمة السورية, فهي لا تريد بقاء النظام السوري و بالوقت نفسه لا تريد تكرار السيناريو العراقي و الوقوع في فخ الانتشار السرطاني للإرهاب. لهذا بقيت الولايات المتحدة تنتهج سياسة التوظيفات الرامية الى اطالة أمد الأزمة, و خلق نقاط ساخنة في الداخل السوري تهدف الى اضعاف النظام الى درجة الانهاك و بالتالي الوصول بحلفاء سوريا الى درجة القبول بالشروط الأمريكية للتسوية. فهي فعلياً تدين الارهاب امام المجتمع الدولي لكنها في الوقت نفسه تعطي الضوء الأخضر لحلفائها لإرسال المقاتلين عبر الحدود و تقديم الدعم التقني و المخابراتي و اللوجستي لهذه الجماعات.
الحقيقة أن تيار واسع في الخارجية الأمريكية اعتقد بقدرته على استثمار اطالة أمد الأزمة السورية بفتح مجمل الملفات الاقليمية العالقة, و خصوصاً ملف التسوية الاقليمية الشاملة في محاولة لتكون التسوية السياسية في سوريا هي بوابة العبور للتسوية الاقليمية الأشمل. لكن يبدو ان اصطدام هذه الرؤية "الحالمة" بالواقع على الأرض (تعنت اسرائيلي و أزمة حكم فلسطينية) أدى الى انتقال الازمة السياسية لداخل الادارة الامريكية و بداية ظهور حالة من التخبط بين أركان هذه الادارة نفسها.
 في المقابل كانت الماكينة الدبلوماسية الروسية تعمل بلا توقف, فمؤتمر أصدقاء سوريا او ما تبقى منهم, كان هدفا دبلوماسياً مشروعاً  لموسكو. استطاعت روسيا ان تبني في الشهور الأخيرة علاقات حيوية جديدة مع ألمانيا التي بدأت تلعب اليوم دوراً عقلانياً مهماً في منع الانجراف نحو سيناريوهات التسليح و الفوضى, و في الوقت نفسه تستثمر ألمانيا ما تملك من خطوط اتصال "دبلوماسية و استخباراتية" مفتوحة على الجميع دولاً و فصائل من اجل ايجاد مخرج حقيقي من الأزمة. ايطاليا هي الأخرى كانت احدى محطات وزير الخارجية الروسي لافروف و التي انتزع منها الوزير الروسي موقفاً داعماً لوجهة نظر موسكو بشأن التسوية, حيث أكدت وزيرة الخارجية الايطالية و وزير الدفاع رفض فكرة ارسال السلاح و شددا ان الحل لن يكون إلا عبر مؤتمر للسلام و بحضور جميع الاطراف بما فيهم ايران. اذاً, الموقفين الالماني و الايطالي هم موقفين فاعلين في داخل تركيبة "مؤتمر أصدقاء سوريا" و على صعيد المنظومة الاوروبية او منظومة حلف شمال الاطلسي. لهذا فليس من المتوقع أن يرشح أي جديد من لقاء الدوحة هذا, لكن -بلاشك- يبقى الخطر الأكبر مرتبط بإعادة هذا اللقاء لفكرة التوظيف العسكري لكثير من الفصائل و الجماعات في الداخل السوري الى أوجها. حيث ان المحور الأمريكي ما زال يعتقد بعدم جدوى الجلوس على طاولة المفاوضات دون اوراق ضاغطة و فاعلة سواء على صعيد التطورات الميدانية في الداخل السوري او على الصعيد السياسي الاقليمي الذي قد يشهد مفاجآت جديدة بانتقال أشكال الأزمة السياسية قريباً الى نوادي الحكم في دول المحور الأمريكي و خصوصاً الخليجي منها.
د.عامر السبايلة
http://amersabaileh.blogspot.com

Aucun commentaire: