كيري وسياسة تأزيم الحلفاء..ترقبوا التوظيف السياسي لإغتيال عرفات
د.عامر السبايلة
بالرغم من تنميق الكلام الامريكي الذي جاء على لسان وزير
الخارجية الامريكي جون كيري في زيارته الى المنطقة و السعودية خصوصاً, و
محاولاته الواضحة للإيحاء بان الولايات المتحدة لم تغير موقفها من الرئيس
الأسد. إلا ان الوزير الأمريكي لم يستطع – بالرغم من الحرص الأمريكي المؤقت
على الحفاظ على محور حلفاء واشنطن- إلا التأكيد على أن “جنيف 2″ هو اساس
الحل في سوريا.
الولايات المتحدة كعادتها منذ اندلاع الأزمة في سوريا سعت
عبر زيارة جون كيري السادسة للمنطقة لتهيئة المناخ و وضع الأرضية
المناسبة لإطلاق مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية. حيث بدا واضحاً
انه كلما اقتربت لحظة الجلوس في جنيف سعت الولايات المتحدة الى تجهيز
الارضية للتسوية الاقليمية. هذه ليست المرة الأولى التي تدفع الولايات
المتحدة باتجاه تأجيل عقد جنيف, لتضع على رأس اجندتها محاولة دفع عملية
السلام, و كان الولايات المتحدة لا ترغب فعلياً بانطلاق “جنيف2″ قبل ضمان
تهيئة مناخات قابلة للتسوية فيما يتعلق بالملف الفلسطيني الاسرائيلي
العالق. اذاً عودة كيري مجدداً الى الشرق الأوسط تعني ضمناً العودة الى ملف
التسوية الاقليمية.
كيري من عمان زاد من عمق أزمة الراغبين بتعطيل الحل السياسي
عندما أكد أن الولايات المتحدة ملتزمة بالتوصل الى حل نهائي للأزمة
السورية. حيث أكد كيري ان الولايات المتحدة و روسيا يحققان تقدما في هذا
الموضوع, لكنه و في كلمة تحتاج الى تحليل أعمق اعتبر انه من المهم التحرك
الى الامام بسرية, اذاً خطوط الولايات المتحدة المعلنة يبدو أنها تختلف
تماماً عن الخطوط غير المعلنة.
التأزيم الأمريكي الواضح للمحور السعودي المعطل للتسوية
السياسية في سوريا, تزامن مع تأزيم أمريكي للمحور الاسرائيلي المعطل
للتسوية الاقليمية. فالوزير الأمريكي كيري استخدم لغة تتسم بالصراحة عندما
حذر الاسرائيليين من نتائج كارثية في حال استمرار التعنت الاسرائيلي. كيري
تسائل ان كانت تل أبيب تملك القدرة على مواجهة انتفاضة فلسطينية ثالثة.
رسائل التحذير الأمريكية وصلت الى تحذير اسرائيل من تزايد
حالة العزلة والفوضى في حال فشل المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين. كيري و
بصراحة واضحة طالب بحل مسالة المستوطنات و انهاء الوجود الدائم للجنود
اسرائيليين في الضفة الغربية. اذاً الأمريكيون يعمقون أزمة حلفائهم بوضعهم
امام امتحانات حقيقية. فشل نيتنياهو في تبني سياسة مرنة قادرة على التقاط
الرسالة الأمريكية يضعه منطقياً امام تحدي حقيقي و قد يفتح شهية منافسين له
يعتقدون بامتلاكهم لقدرة أكبر على مواكبة هذه التحولات. تيسبي ليفني على
سبيل المثال لم تفوت أي فرصة للحديث عن أهمية التقاط هذه اللحظة التاريخية و
التذكير بحجم الثمن الذي قد يدفعه الاسرائيلي في حالة رفضه للتوجه الدولي
الجديد. حتى المحور الفلسطيني الذي قد ينتهج مبدا تعطيل التسوية فقد يواجه
بورقة اغتيال عرفات فغموض الجريمة و اتساع رقعة الاحتمالات و الشبهات يسهل
من فكرة استثمار و توظيف الجريمة سياسياً.
التأكيد الأمريكي على الحل السياسي في سوريا و ضرورة
التقاط اللحظة التاريخية للتسوية الاقليمية يعني أن الولايات المتحدة توجه
رسالة ضمنية لسوريا بضرورة ان تكون شريك أساسي في التسوية المر الذي يرشح
فعلياً دمشق لتكون بوابة العبور نحو ملف التسويات, خصوصاً أن اطلاق صافرة
التسويات تبدأ -بلا شك- من الملعب السوري.
قراءة طبيعة الاتفاق الروسي الامريكي لا تبدو واضحة لدى
كثير من الاطراف, سواء من دول المحور الروسي او الامريكي على حد سواء.
الواضح فقط ان اتفاق موسكو و واشنطن احتوى على تفاصيل متعددة و التي تظهر
تجلياتها في عدم استيعاب بعض دول الاقليم لشكل هذه التفاهمات و التي بدأت
انعكاساتها تظهر بشكل واضح على الوضع الاقليمي. خصوصاً في حالة الاضطراب
التي تظهرها بعض الدول نتيجة عدم قدرتها على مواكبة براغماتية السياسة
الامريكية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire