06 mai 2015

article pris dans Al-Akhbar

بين تموزين: قائد المقاومة يتذكّر

بعد انتخابه أميناً عاماً لحزب الله، خلفاً للشهيد السيد عباس الموسوي، كان السيد حسن نصرالله لا يزال في سن الثانية والثلاثين. كان شديد الحساسية إزاء الدور الموكل إليه. صار الرجل في مواجهة العالم كله؛ ناسه وأهله والمريدون من جهة، والجاهلون به وبحزبه من جهة أخرى، والأعداء والخصوم على أنواعهم وكثرتهم من جهة ثالثة.
العدد ٢٣٦٨
وقع أقدام يتناهى الى مسامعك من الطابق العلوي. هو، على الأغلب، طفل يركض بين الغرف. يخترق صوت الآذان من أحد المساجد النوافذ التي أُسدِلت عليها ستائر سميكة، مطرّزة بورود تتناسب ألوانها مع ألوان الصالون، وتضفي عليه لطافة تعوّض عن حجب امتداد النظر. «السيد» يعيش بين الناس، وليس تحت الأرض. هو نفسه سيؤكّد ذلك في ما بعد، وسيخبرنا كيف يتجوّل في شوارع الضاحية وأماكن أخرى، وكيف يراقب تطوّرها العمراني ويحفظ شوارعها ويألف أهلَها.
العدد ٢٣٦٨
يقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في قلب المعركة التي ستحدد نتيجتها مستقبل المشرق العربي. هي امتداد للحرب التي أريد من ورائها نقل سوريا من محور إلى آخر. لكن الوجه الجديد لها لا يمثل خطراً على سوريا وحدها. العراق في قلب المشهد المظلم، الذي ينذر لاعبه الأبرز، تنظيم «داعش»، بالتوسع نحو السعودية والأردن، وربما تركيا. ليس نصرالله لاعباً ثانوياً في ما يدور في المشرق، بل في الصف الأمامي لصناع القرار. وهو يتابع أعداءه الجدد بالمنظار عينه الذي رأى فيه عدوه الدائم، إسرائيل. لا يستهين بقدراتهم، ولا يبالغ فيها. في الحلقة الثانية من المقابلة التي خص بها «الأخبار» في ذكرى الانتصار على العدو الاسرائيلي، يكمل السيد سرد رؤيته لما يجري في المنطقة، من مهرجان الانتصار عام 2006، إلى خطاب ابي بكر البغدادي في مسجد الموصل... وما بعده
■ هناك من يقول إن حزب الله بدأ كحركة إسلامية لا تعترف بحدود، ثم تحوّل في مرحلة لاحقة إلى حركة مقاومة وطنية ذات طابع إسلامي، قبل أن يتحول الآن إلى حركة مقاومة عابرة للدول بعد القتال في سوريا والحديث عن الوجود في العراق واليمن. إلى أيّ حد، هذا الكلام دقيق وصحيح؟ وإلى أي مدى توافقون عليه؟
بمعزل عن النقاش الفكري والسياسي، أحب أن أعرض الأمور كما هي. الذهاب للقتال في سوريا هو، في الدرجة الأولى، للدفاع عن لبنان وعن المقاومة في لبنان وعن كل اللبنانيين من دون استثناء. وقد جاءت حادثة عرسال الأخيرة لتؤكّد رؤيتنا، حتى لو أراد خصمنا المكابر أن يقرأها من زاويته.
العدد ٢٣٦٩
■ هل يشعر حزب الله بأنه مسؤول عن الشيعة العرب (الاثني عشرية والإسماعيليين والعلويين، إلخ...)؟
دائماً، كان هناك من يحرص على أن يأخذنا الى هذا التوصيف. الحزب كان مطروحاً وطنياً وعلى مستوى المنطقة كمقاومة ضد إسرائيل، وحقق في هذه المعركة إنجازات عظيمة وانتصارات كبيرة، وكان واضحاً لدى الحكومات العربية وكل القوى السياسية أن الحزب من القوى الجدية، إن لم يكن الأكثر جدية، التي أخذت على عاتقها مواجهة المشروع الصهيوني.
العدد ٢٣٦٩
■ إذا عدنا إلى 12 تموز 2006. هل كنت تعلم بأن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين ستنفّذ في ذلك اليوم؟ ما هي الإجراءات التي اتخذتها؟ وكيف تطوّرت الأمور؟
أساساً، القرار بأسر جنود إسرائيليين كان قد اتخذ في شورى حزب الله قبل أشهر من تنفيذ العملية. في آلية العمل لدينا، عندما تتخذ الشورى قراراً من هذا النوع، يحوّل الإجراء والتنفيذ إلى المجلس الجهادي الذي يرأسه، بحسب نظام الحزب، الأمين العام. هذا المجلس يتألّف من مجموعة من القيادات الجهادية الأساسية.
العدد ٢٣٦٨
■ الى أي مدى فاجأتكم غزة 2014، وخصوصاً أن موقف الحزب كان متريثاً في الأيام الأولى، على صعيد الموقف وعلى صعيد السلوك الإعلامي. هل كانت هناك خشية من أن المقاومة تستدرج إلى فخ؟
هل كان المسار الفلسطيني متوقعاً؟ لا، لكنه لم يكن أيضاً مفاجئاً. المفاجئ ما يكون خلاف السياقات. الواضح ان الاسرائيلي، لا المقاومة، هو من دفع الأمور في هذا الاتجاه منذ خطف المستوطنين الثلاثة.
العدد ٢٣٦٨
■ تكرّرون القول إن الحاج عماد مغنية هو قائد الانتصارين. ماذا يعني هذا القول عملياً؟
بحسب الهيكلية التي كانت معتمدة أواخر التسعينيات في الحزب، جمعت كلّ إدارة العمل الجهادي التنفيذية تحت إمرة الحاج عماد، وكان عدد كبير من الإخوة يعاونونه. وقد استمرّت هذه الصيغة حتى استشهاده. ولذلك، عندما حصل التحرير في عام 2000، وحرب تموز في عام 2006، كان الحاج عماد رحمة الله عليه هو المسؤول عن إدارة العمل الجهادي. وإن لم يكن ممكناً القول إنه في حرب تموز، كان فلان أو فلان مسؤولاً بشكل محدّد.
العدد ٢٣٦٨
منذ بدأ السيّد حسن نصر الله دراسته الدينية في النجف، تميّز بقدراته الخطابية. وعلى مرّ السنوات والمسؤوليات، سحرت مهارته في الخطابة كثيرين، فيما جعل منها الاسرائيليون مادة للدراسة والتحليل. كيف يعمل قائد المقاومة على إعداد خطاباته النارية؟ وما هي أسرار هذه الخطابات؟
■ هل تحبّ إلقاء الخطابات؟
لا أقدر أن اقول إني لا أحب أن أخطب. نحن مشايخ وهذا جزء من عملنا. في الثمانينيات كنت ألقي خطاباً كلّ ليلة وأتنقل من حي السلم إلى الأوزاعي إلى بيروت إلى الشياح. نعم، أحب أن أخطب خصوصاً انه لدي شيء لأقوله.
■ لكن يبدو مؤخراً أنك تقنّن ظهورك وإطلالاتك؟
بعد عام 2006، صار لكلّ كلمة وكلّ حرف وكلّ طلة حساب، وباتت تُبنى على الخطاب مواقف، وله تبعات. صار الخطاب مراقباً بشكل كامل وهناك متابعة له من الصديق والعدو، وبالتالي صرت أنا في مسؤولية أخطر وأكبر، وهناك حجم توقعات مختلف. لم يعد الموضوع يتعلق بمزاجي إن كنت أحب أن أخطب أم لا. لم يعد الأمر شخصياً. صرت معنياً أن أقلّل من الأخطاء لأنه لا أحد فينا معصوم.
العدد ٢٣٦٩
لم يخسر السيّد حسن نصر الله إلا مرة واحدة في حياته، عندما قرّر تشجيع الأرجنتين في المبارة النهائية للمونديال الأخير
■ هل تحبّ كرة القدم؟
نعم أحبها. وكنت ألعبها، قبل أن أضع العمامة وبعدها، مع الأصدقاء. هل تشجّع منتخباً معيناً؟ في وقت سابق نعم من باب التسلية و«تغيير الجو». وغالباً ما كنت مع البرازيل، وأحياناً مع الأرجنتين، وخصوصاً عندما كان مارادونا في المنتخب، إذ كان لعبه يعجبني.
■ وفي المونديال الأخير؟
قيل إنني مع منتخب البرازيل، لكنني لست مع أحد. في جو حزب الله عموماً هناك تأييد للبرازيل، وهو تأييد قديم ناجم عن تقنياتهم ولعبهم الجميل، وبعد ذلك صار البعض يقولون إن هذا التأييد مردّه إلى أن علم البرازيل مكوّن من اللونين الأصفر والأخضر، وهما اللونان المميّزان لدى الشيعة.
■ هل تابعت المونديال هذا العام؟
في الحقيقة هذا العام لم يكن المزاج يسمح بمتابعة هذه المسائل، بسبب ما يحصل في لبنان وسوريا، ومن ثم حصل ما حصل في غزة وفي العراق.
العدد ٢٣٦٨
حسناً، يبدو أنه لا مفرّ من الكتابة عن الأمر.
النجاح في التهرّب من هذه «المهمة» أمام إدارة التحرير، لم ينعكس على من طالب به من الأصدقاء، ومن عدد من القرّاء. أما الزملاء في الوسائل الإعلامية ففرضوا أمراً واقعاً، بعدما حوّلوا أجواء المقابلة إلى مادة إخبارية يرغب الكثيرون في معرفة تفاصيلها. الأسئلة التي تنهمر لا تترك تفصيلاً إلا وتحاول معرفته: صحته، شكله، سلوكه، نوع الضيافة، لائحة طعام العشاء الذي دعانا اليه، عدد المرات التي ضحك فيها، الإجابات الخاصة التي لم تنشر... والمشاعر التي راودتنا.
العدد ٢٣٦٩
من أجمل النصوص في تراث كارل ماركس نص قصير لاستمارة صحافية شخصية نشرت في ستينيات القرن التاسع عشر، أضاءت على المفاصل لشخصية أهم مفكر عرفه التاريخ، ما لم تضئه نصوص فكرية وسياسية، وجرى استخدامها في مقاربات بحثية للماركسية، منها، في التأليف العربي، كتاب سالم حميش، «في نقد الحاجة إلى ماركس».
من ذلك النص الماركسي: «الصفة التي أحبذها أكثر هي، عموماً، البساطة، وعند الرجل: القوة، وعند المرأة: الضعف. فكرتي عن السعادة: الصراع، وعن الشقاء: الخضوع. لوني المفضل: الأحمر. صحني المفضل: السمك. شعاري: يلزم الشك في كل شيء. حكمتي المفضلة: لا شيء إنسانياً غريب عني»!
العدد ٢٣٦٩

Aucun commentaire: